الرياضة من المباحات ما دامت ملتزمة بالضوابط الشرعية سواء للشباب أو الفتيات، ولكن الواقع لدينا يؤكد على أن الرياضة ضلت بعيدًا عن أهدافها، ولم تقف عند حد تقصيرها في تحقيق المصالح العامة وإنما غدت تحقق مفاسد دينية ودنيوية، ومن ذلك ما نراه من تعصب وعنصرية وأخلاقيات وسلوكيات أوصلت أصحابها إلى الكثير من الأضرار على أنفسهم وغيرهم.
والوسطية تفرض علينا ألا نحرم الرياضة وخصوصًا كرة القدم حيث ألف أحدهم كتابًا كبيرًا يؤصل رأيه بالتحريم، وكذلك ألا نبيح ما نراه ممارسًا في الوسط الرياضي من إعتداءات دينية ودنيوية، حيث تحولت إلى كونها أداة شقاق وتفريق، وصراعات قد تصل إلى تهديدات بين الدول.
وأما رياضة المرأة فلا وجه لتحريمها إبتداءً، ومن حرمها فدلل لذلك بسد الذرائع، ولكن إن كانت في المدرسة أو في نوادٍ خاصة فلا وجه للتحريم، بشرط الالتزام باللبس الشرعي والتعامل الأخلاقي وعدم مشاهدة الرجال لهن، وأما في مشاركتها للتصفيات العالمية فلا يمكن تحقيق الضوابط الشرعية فيها وبالتالي فتحرم حينئذ لهذا السبب، ولا يسوغ لدولة الإسلام والمسلمين وبلاد الحرمين أن يكون من بناتها من تشارك في مسابقة للسباحة مثلًا، أو حتى في الفروسية ما دامت لم تلتزم بالضوابط الشرعية في لبسها وسلوكياتها، ولا بد من موقف عادل ومعتدل وشفاف وفيه التبرير الشرعي الكافي لسبب التحريم، حتى يقطع الطريق على الذين لا يلقون بالًا بشريعتنا وأعراضنا.
وكل مواطن فضلًا عن رجال الشريعة لا يقلقهم تفشي إهتمام الشباب والفتيات بالرياضة وإنما بإنجراف الكثير منهم نحو أخلاقيات وسلوكيات غير مشروعة، حيث إنشغل الكثير عن واجبات دينهم وحقوق أهلهم لحساب ملاحقة الرياضة في الملاعب وربما بالسفر ناهيك عن الإستراحات والمخيمات وتضييع حق الله من صلاة وواجبات شرعية، فضلًا عن حقوق الزوجات والأولاد والوالدين وعموم الأهل.
والفجوة الموجودة بين الشرعيين والرياضيين هي بسبب هذه الممارسات، فضلًا عن إنتشار السب والشتم فيما بينهم، ولذا ينحرج الشرعيون من التعامل معهم لئلا يتلطخوا بشيء من تلك التجاوزات.
ويؤسفني أن الرئاسة المسؤولة عن الشباب تركت واجبها الأساسي وراحت تنشغل بالرياضة وضيعت الشباب، وحتى الرياضة لم تصبح وسيلة للتربية والتوعية وتعزيز الوطنية والأخلاق السامية وإنما صارت سببًا لعكس ذلك تمامًا، وأنفقت المليارات على النوادي واللاعبين وضاعت الأموال فيما لا طائل منه في الدنيا ولا في الآخرة.
وأما دخول المرأة للملاعب فهي من حيث المبدأ لا مانع منها، ولكن الواقع يقول: إن دخولها سيجعل منها فتيلًا للمزيد من المراهقات، وبالتالي المنكرات سواء منهن أو من تواصلهن بالشباب، وعليه فلا يمكن لرجل من رجال الشريعة إلا أن يحرم ذلك، ويكفينا ما نراه من بناتنا في الملاعب الأجنبية حيث ملابسهن وأشكالهن وتصرفاتهن ونبرأ إلى الله أن ينتقل هذا الوضع إلى بلادنا، ويجب على كل من يرمينا بالتشدد أن يعلم بأننا لا نحرم المبدأ ولكن نحرم الممارسات المتوقعة بل الواقعة، فلوموا هؤلاء الشباب والفتيات وأصلحوهم وحينئذ لكل حادثة حديث، وأما في الظروف الراهنة فلسنا بحاجة لمزيد من السلوكيات التي لا يقبلها أي غيور.
الكاتب: د. عيسى بن عبد الله الغيث.
المصدر: صحيفة المدينة.